الجمعة، 15 نوفمبر 2013

متلازمة الامعاء القصيرة Short bowel syndrome


متلازمة الامعاء القصيرة
Short bowel syndrome




يمكن تعريف متلازمة الامعاء القصيرة (short bowel syndrome) كفشل الجهاز الهضمي في امتصاص الكمية المطلوبة من العناصر الغذائية التي تضمن النمو السليم للاطفال، وتمنع حالات نقص التغذية لدى البالغين. تعريف اخر لمتلازمة الامعاء القصيرة هو متلازمة نقص الامتصاص الناتجة عن استئصال جزء كبير من الامعاء الدقيقة. تتعلق شدة نقص الامتصاص بطول الجزء المستاصل، وجود الصمام اللفائفي الاعوري (ileocecal valve) بين الامعاء الدقيقة والغليظة، وطول الامعاء الغليظة والدقيقة السليمة المتبقية.

يختلف طول الامعاء عند الاطفال مع التقدم في العمر، ان استئصال حتى نصف الامعاء الدقيقة لا يسبب نقصا في التغذية. عند البالغين الذين بقي عندهم اقل من 200 سم من الامعاء الدقيقة، يتطور نقص في التغذية، ويمكن التعامل مع هذا الطول على انه الطول الادنى للحول دون تطور متلازمة الامعاء القصيرة.

السبب الاكثر شيوعا لمتلازمة الامعاء القصيرة لدى الاطفال هو الالتهاب القولوني المعوي الناخر (Necrotizing enterocolitis) واسباب اخرى تشمل رتق الامعاء، الانفتال (Volvulus)، انشقاق البطن الخلقي (Gastroschisis)، وداء هيرشسبرونغ. واما لدى البالغين، فان السبب الاكثر شيوعا لمتلازمة الامعاء القصيرة هو داء كرون (Crohn's disease). حيث يشكل مرضى داء كرون 80 ٪ من المرضى في مجموعات متلازمة الامعاء القصيرة.

ينبع اساس الفيزيولوجيا المرضية لمتلازمة الامعاء القصيرة من فقدان منطقة الامتصاص، ويليه خلل في امتصاص مركبات المواد الغذائية المختلفة. بالاضافة الى ذلك، تكون الزغابات (Vili) طويلة وتكون الخبايا (crypts) بينها اعمق في منطقة المعي الفارغ (jejunum - الجزء الاقرب من الامعاء الدقيقة) مقارنة بالمعي اللفائفي (ileum - الجزء الابعد من الامعاء الدقيقة)، كما يكون نشاط الانزيمات المحللة للاغذية، اعلى بكثير لوحدة مساحة في المعي الفارغ، مقارنة بالمعي اللفائفي.

من هنا، نجد ان امتصاص العناصر الغذائية لدى المرضى الذين خضعوا لاستئصال المعي اللفائفي، يكون اكثر كفاءة مما هو عليه عند اولئك الذين خضعوا لاستئصال المعي الفارغ. واما لدى البالغ السليم صحيا، فان ما يزيد عن 90 ٪ من عملية الامتصاص تتم في مقطع الـ -100 سم الاولى من المعي الفارغ. لذلك، فان المرضى الذين يعانون من متلازمة الامعاء القصيرة والذين يعيشون مع اقل من 100 سم من المعي الفارغ يحتاجون لتغذية عن طريق الوريد لفترات زمنية طويلة. هناك اهمية كبيرة في عملية الامتصاص لسرعة مرور الطعام في الامعاء. لذلك، عندما يتم استئصال الصمام اللفائفي الاعوري، يزداد خطر حدوث متلازمة الامعاء القصيرة.

بالاضافة الى ذلك، يجب ان نتذكر بان امتصاص المركبات الغذائية المختلفة يتم في مناطق مختلفة، وبالتالي فان المركبات التي يتم امتصاصها في المعي اللفائفي، فيتامين B12 واملاح المرارة، على سبيل المثال، تكون ناقصة عند مريض متلازمة الامعاء القصيرة الذي تم استئصال هذا الجزء من امعائه. بالاضافة الى ذلك، فان الخلل في امتصاص الدهون (بسبب وجود مساحة صغيرة ونقص املاح المرارة) قد يؤدي عند المرضى الذين يعانون من متلازمة الامعاء القصيرة الى نقص في الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون (A، D، K ، E)، ونقص في المعادن (الكالسيوم، الزنك والمغنيسيوم).

بالاضافة الى دورها في امتصاص المركبات الغذائية، فان للامعاء دورا هاما في توازن السوائل والاملاح. القدرة المرتفعة على امتصاص السوائل والاملاح في القولون (حوالي 3 الى 4 لترات من محلول الملح المتساوي التوتر يوميا)، تقلل بشكل كبير من فقدان الاملاح والسوائل عند المرضى الذين يعانون من متلازمة الامعاء القصيرة. بالاضافة الى ذلك، فان السكريات التي لا يتم امتصاصها في الامعاء الدقيقة تتحلل لاحماض دهنية في القولون، ويتم امتصاصها هناك. لذلك فان استئصال القولون يزيد من خطر الاعتماد الدائم على التغذية عن طريق الوريد عند المرضى الذين يعانون متلازمة الامعاء القصيرة.


أعراض متلازمة الامعاء القصيرة


يعاني المصابون بمتلازمة الامعاء القصيرة من الاسهال، البراز الدهني، واعراض نقص - امتصاص الطاقة والمواد الغذائية، فقدان الوزن، اضطرابات في توازن السوائل والاملاح، وبالاضافة الى ذلك، يكون الاضطراب الرئيسي عند الاطفال هو خلل في النمو، الامر الذي يتطلب تدخلا في التغذية لفترات طويلة.

علاج متلازمة الامعاء القصيرة


يشمل علاج المصابين بمتلازمة الامعاء القصيرة، مباشرة بعد العملية، اعطاء السوائل والاملاح وكذلك الدعم الغذائي عن طريق الوريد. يجب البدء بالتغذية عن طريق الجهاز الهضمي في اقرب وقت ممكن، ومراقبة القدرة على الامتصاص. بدون الدعم الغذائي للجهاز الهضمي، لن يستطيع التاقلم من جديد مع اداء دوره، وهو امر ضروري في سبيل الاستغناء عن التغذية عن طريق الوريد. عملية الاستغناء هذه تستغرق فترة طويلة (اشهر الى سنوات) وتتعلق بطول الجزء المستاصل ومنطقة الاستئصال.

هدف علاج مرضى متلازمة الامعاء القصيرة بواسطة الادوية هو منع حدوث المضاعفات. يتم علاج تفريغ الامعاء السريع، وفقدان السوائل والاملاح، بواسطة ادوية يتم تناولها عن طريق الفم، واحيانا بواسطة مضاهيات السوماتوستاتين. يتم علاج الاسهال الناجم عن زيادة فقدان الاملاح الصفراوية بواسطة الكولستيرامين، ويتم علاج زيادة افراز حمض المعدة بواسطة مضادات (antagonist) للمستقبلات من نوع H2، واحيانا بواسطة مثبطات مضخة الهيدروجين. ويتم علاج فرط نمو البكتيريا بواسطة المضادات الحيوية عن طريق الفم، بما في ذلك العلاج الوقائي.

يمكن علاج المرضى الذين يحتاجون الى تغذية عن طريق الوريد لفترة طويلة في المنزل. لهؤلاء المرضى الذين لا يستطيعون الاستغناء عن التغذية عن طريق الوريد، يمكن اقتراح عمليات جراحية تزيد من مساحة الامتصاص او تقلل من حركة الامعاء. هذه العمليات تناسب عددا محدودا من المرضى، خصوصا الاطفال، لكن نسبة نجاحها منخفضة.

كانت النتائج في بعض العلاجات الجديدة التي تهدف لتحسين القدرة الاستيعابية للامعاء متناقضة حتى الان ، كالعلاج الذي يجمع بين الحمية الغنية بالسكريات والفقيرة بالدهون، مع اضافة الجلوتامين الذي يعطى عن طريق الفم وحقن هرمون النمو. ان تزايد المعرفة حول عوامل النمو في الامعاء يمنح الامل في الوصول لعلاج فعال للمرضى الذين يعانون من متلازمة الامعاء القصيرة في المستقبل.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Popular Posts

Rechercher dans ce blog